وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل التقى نظيره الألماني: لا استقرار في المنطقة من دون الاقليات

إستقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير يرافقه السفير الالماني كريستيان كلاغس والوفد المرافق. بعد جلسة محادثات، عقد الوزيران مؤتمرا صحافيا، إستهله باسيل بالقول: "بداية، أود ان ارحب بالوزير شتانماير في زيارته الثانية الى لبنان خلال فترة تسلمي لمهامي في وزارة الخارجية.

ويسرنا أن نرحب بصديق للبنان لطالما كان حريصا على تعزيز العلاقات بين بلدينا. وكانت لنا الفرصة لمراجعة تطور الاوضاع في المنطقة والتي للاسف جرت الى حالة أعمق من عدم الاستقرار. إن إنتشار الارهاب حملنا الى الوقوف جنبا الى جنب لمواجهة المنظمات الارهابية، ولكن بالرغم من كل الجهود المبذولة يجب القيام بالمزيد. ان الجيش اللبناني يقود معركة ضد الجماعات الارهابية لاحتوائها، ونحن نطالب باستمرار لتعزيز المساعدة العسكرية له. كما أن الجيش اللبناني يلعب دورا اساسيا في الحفاظ على الاستقرار في لبنان، ويعمل مع مجموعات لبنانية على دحر المجموعات الارهابية مثل جبهة النصرة و"داعش" خارج اراضينا. ان العملية الجارية حاليا على الحدود اللبنانية-السورية تساهم في تخفيض التهديدات الامنية لأرضنا. وفي الوقت نفسه وبالرغم من عدم وجود موارد في لبنان، لا نزال نتحمل وجود اكثر من مليون ونصف المليون نازح بمعدل 150 شخصا سوريا في الكيلومتر. إن بقاءهم الدائم في لبنان ليس بخيار ابدا، ونحن نتعاطى مع هذا الوضع المؤقت في حين المجتمع الدولي لا يفي بالتزاماته".

أضاف: "نحن نشكر ألمانيا على كل المساعدة التي قدمتها في العام الماضي في المجال الانساني. ونحن نرى فيها دولة صديقة تحترم مواقفها والتزاماتها، ونحن ممتنون لها.
الا ان ارقام النازحين السوريين الى لبنان لا تزال كبيرة جدا، على الرغم من مساعدات المانيا، التي هي واحدة من الدول الاوروبية القليلة التي استضافت اكثر من مئة الف نازح سوري، لكن هل هذا كاف لمواجهة الضغط الكبير على لبنان من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، ومستقبله؟".

وتابع: "إن الازمة الدولية الناتجة عن التدفق الكبير للنازحين تتطلب تعاونا دوليا يساعد على إعادة هؤلاء الى المناطق الآمنة في سوريا، وهذا هو الحل الوحيد للازمة السورية. ونحن قلقون حيال الاستراتيجية المتبعة من قبل بعض الدول في كيفية إختيار من سيستقبلون في بلادهم، وذلك وفق مواصفات معينة مثل الثقافة والدين، هذه المواقف إضافة الى الدعم المادي المباشر للنازحين في لبنان، هي من وجهة نظرنا مواقف غير مثمرة. إذ إنها من جهة تشجع النازحين على عدم العودة الى وطنهم، ومن جهة أخرى تساهم في إفراغ المنطقة من جوهرها القائم على تنوع المجموعات الدينية.
ان الشرق الاوسط من دون الاقليات لن يكون منطقة مستقرة، وإذا ساد هذا السيناريو، فالتهديدات الامنية ستزداد على الدول الاوروبية. والاتحاد الاوروبي واجه الهجرة عبر البحر المتوسط وهذه الصحوة لا بد أن تترجم على ارض الواقع من خلال قرارات ملموسة تغير منحى الامور".

وقال: "ان لبنان بحاجة الى التحرك مع تنفيذ سياسة شاملة لخفض عدد الاشخاص الذين هم بحاجة الى المساعدة الانسانية، مما سيساعد السلطات اللبنانية وشركاءها على مساعدة الذين من هم بحاجة فعلا الى المساعدة، وبالتالي إغلاق الباب امام الافراد الذين يستغلون نظام المساعدات الحالي.
نحن نسعى الى تفهم المانيا في مساعدتنا في تطبيق المعايير التي تخول الاشخاص من النزوح الى بلادنا. كما ناقشنا أيضا تطور الاوضاع في المنطقة، ولبنان يطالب بحل سياسي في سوريا من خلال عملية شفافة تقودها سوريا، وحل سياسي شامل تكون المنظمات الارهابية خارجه بشكل قاطع، ومن دون أي تدخل أجنبي، يقود الى إتفاق ويحقق تطلعات الشرعية للشعب السوري من خلال تنظيم إنتخابات حرة تحفظ إستقرار ووحدة اراضي سوريا.

وختم: "إن الاستقرار في لبنان يمكن ان يتأكد من خلال خفض عدد النازحين السوريين، وعبر دعم الجيش اللبناني بجدية لمواجهة المجموعات الارهابية، وايضا عبر إعادة الاستقرار السياسي من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية وإجراء الانتخابات النيابية تصل بممثلين حقيقيين عن الشعب اللبناني الى السلطة، لممارسة مهامهم ويكونوا مثالا للمنطقة في تقاسمهم السلطة".

من جانبه قال شتانماير: "يسرني العودة مجددا الى لبنان واشكركم معالي الوزير على الاستقبال الودود في هذه المدينة التي تنبض بالحياة. ان تكون مدينة مثل بيروت وبلد مثل لبنان ما يزال ينبض بالحياة وبالانفتاح على العالم والحب للحياة وتعدد مجموعات السكان والتعدد الديني يعد امرا غير معقول ويشبه المعجزة بعد كل صور العنف والكراهية التي تصلنا بشكل شبه يومي من البلدان المجاورة له. ما يعد ايضا معجزة هو قدر وحجم المساعدة الانسانية التي يقدمها بلد صغير مثل لبنان لمليون ونصف المليون لاجىء سوري وملاذ لهم هنا يقدم لهه اللبنانيون ملجأ. ونحن على علم كامل بالعبء الثقيل، وبكل تأكيد لن نسمح لأنفسنا ولن نترك لبنان في المأزق وحده. ربما بعض الموجودين هنا من الصحافيين التقيناهم قبل عام هنا في بيروت حيث نشأت فكرة انعقاد مؤتمر دولي وقد اقيم في برلين ولم يتناول فقط سبل دعم اللاجئين انما من محاوره كان دعم الدول المضيفة للاجئين".

اضاف: "هذا المؤتمر نتجت عنه ايجابيات، حيث صدرت قرارات لاول مرة بتقديم الدعم للدول المضيفة للاجئين في مؤتمر المانحين في الكويت، وضاعفت المانيا بتقديمها 250 مليون يورو من مساهمتها مقارنة بالعام الماضي، و 60 بالمئة من الاطفال السوريين في المدارس اللبنانية تتكفل المانيا بدفع تكاليف تعليمهم، ومجمل المساعدات الالمانيية يبلغ مليار يورو سواء للاجئين او للدول المضيفة لهم. واوفق الوزير باسيل الرأي في ان استقبال الدول الاوروبية للاجئين لن يخفف بشكل بالغ من العبء الملقى عليكم لكننا نحاول تقديم مساعدتنا واكثر مساهمة ممكنة لدينا. وعدد اللاجئين السوريين الموجودين في المانيا الان فاق بكثيرالـ 100 الف لاجئ وبهذا تكون المانيا اكبر دولة استقبلت لاجئين سوريين، مقارنة بدول الاتحاد الاوروبي".

وتابع: "علينا ان نحاول التغلب على اسباب اللجوء او الهروب، وفي ما يتعلق بالعدد الهائل للاجئين يجب في المقام الاول وقف التصعيد في النزاع الداخلي في سوريا كي يتمكن اللاجئون، مثلما وجدوا ايضا الامان في لبنان، ان يعودوا، الى الاماكن التي اتوا منها عندما يعود اليها الامان مرة اخرى. لذا، ارجو ان تأتي اشارات على وجود جهود جديدة لايجاد حل سياسي، وقد تبادلنا الامال بالمحادثات الاميركية والروسية ان تحيي الامل في اطلاق مبادرة جديدة من اجل الحل السياسي، ولكن من البديهي ايضا ان هذا الحل لن يكون ممكنا الا اذا بذل جيران سوريا العرب والمسلمون ايضا جهودهم في هذا السياق".

وختم بالقول: "ان ما نشهده في لبنان بشكل متكرر يمكنه ان يمنح الامل ويمكن التعايش رغم الخلافات، ويوجد دائما امكانية التوصل الى حلول وسط رغم الانقسامات، ولبنان كان وما يزال نموذجا على الجوار ان يقتدي به".

سئل شتانماير: المسؤولون اللبنانيون قلقون من توطين السوريين في لبنان، هل تشاطرهم الرأي؟ وهناك ايضا تقصير في دفع المتوجبات المالية التي تقررت في قمة الكويت الثانية للنازحين السوريين اذ تم تسديد 90 مليونا من اصل مليارين و200 مليون فما هو الحل؟
اجاب: "لا يسعني ان احكم على الاخرين واقول اننا نلتزم بالوعود التي قطعناها. تطرقت الى هذه المسألة في تصريحي في البداية، انا اعرف جيدا كم ان هذا العبء ثقيل على النظام المدرسي والصحي والبنية التحتية باكملها. وهذا ما دفع المجتمع الدولي، بالاشتراك مع لبنان الى البحث عن حل للحرب في سوريا او للنزاعات الداخلية فيها لكي نتمكن خطوة خطوة من خلق حيزات آمنة يمكن للمواطنين السوريين العودة اليها في سوريا. انا مقتنع ان الكثير من الاسر السورية التي تعيش في مخيمات السوريين تتمنى العودة الى وطنها والى اراضيها الاصلية في سوريا".

وسئل باسيل من احد الصحافيين الالمان: لقد مدحتم المساعدات الالمانية، هل تعتبرون ان المساعدات الدولية التي حصلتم عليها كافية ام تتمنون المزيد منها؟
وما رأيكم في خطط الاتحاد الاوروبي في مكافحة تهريب المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط؟
اجاب: "اعتقد ان المانيا هي من الدول القليلة التي تشرف في التزاماتها، ولكن لو قامت كل الدول بالايفاء بالتزاماتها فإنها لن تستطيع سد العجز الهائل الذي يصيب لبنان ليس فقط اقتصاديا انما الاهم امنيا ويصيب بنية تكوينه في ما يتعلق بنسيجه الاجتماعي الفريد. هذا الامر ليس فقط ماديا انما هو بنيوي".

وعن الهجرة غير الشرعية قال باسيل: "ان المشكلة الاساسية هي مشكلة ثقافية تتعلق ايضا بالتفاوت الاقتصادي والانتماء الديني، لذا مهما عالجت اوروبا موضوع الهجرة غير الشرعية على شواطئها وعلى اراضيها، انما هي تعالج اطراف المشكلة. المهم معالجة صلب المشكلة في منطقتنا. هنا اهمية لبنان في ان يلعب الصلة الثقافية بين الشرق والغرب لذا فإن الحفاظ عليه وعلى الاقليات في المنطقة هو خط الدفاع الاول عما يمكن ان يتهدد اوروبا. ومن هنا نعول على المانيا بفهمها لهذا الامر ويجب بقاء لبنان على صيغته وفرادته لكي يتمكن هو من مواجهة الارهاب وابقاء شعوب المنطقة مزروعة في ارضها. اما حل الهجرة فهو لا يعالج المشكلة".

سئل شتانماير: هل نقلتم اليوم وعودا ملموسة للوزير باسيل بمساعدة جديدة للبنان؟
اجاب: "في العام الماضي اتفقنا على الا نرتبط حصريا بمؤتمرات المانحين ولكن سنحدد اطارا ماليا تأتي منه المساعدات ليس فقط للاجئين انما للدول المضيفة. واتفقنا على مساعدات للبنان على سبيل المثال تصريف المياه وازالة النفايات واصلاحات في النظام المدرسي وقمنا بصياغة هذا الاطار. وانا ممتن جدا للتعاون الجيد مع الجانب اللبناني وداخل هذا الاطار المالي اتفقنا على المشاريع المختلفة التي ينفذها الجانب الالماني او تلك المشاريع التعليمية التي تنفذها منظمات الامم المتحدة".

وختم باسيل بالقول: "اخشى على اوروبا من يقظة متأخرة لما حصل في منطقتنا من مشكلة ارهاب ونزوح الانسان والارهاب باتجاه اوروبا".